الدكتور نبيل عبدالله بن عيفان في حوار صحفي:
صناعة النقل البحري صناعة عالمية ، والاهتمام بالموانئ البحرية أهم محاورها لتقديم خدمات تنافسية عبر بنى تحتية وفوقية وتكنولوجيا متطورة
يمكن للموانئ اليمنية أن تكون موانئ ذات أداء متطور وإنتاجية عالية ودافع أساسي لعجلة التنمية الاقتصادية لليمن اذا اهتمت بالتوجهات الحديثة لإدارة وتشغيل الموانئ البحرية
تخصص إدارة الموانئ البحرية هو أحد التخصصات المهمة في الدول ويعنى بدراسة الآليات والتوجهات الحديثة والصحيحة لاستثمار الموانئ البحرية بشكل صحيح
دراستي كانت عن أثر متطلبات التنمية المستدامة على تطوير أداء محطة عدن للحاويات، بالمقارنة مع أنجح محطات الحاويات في المنطقة
حاوره / عبدالله عوض بكير / المكلا ... يونيو 2025م
في البداية نرحب بك دكتور نبيل عبدالله بن عيفان نائب مدير عام الهيئة العامة للشئون البحرية فرع المكلا ونبارك لك نيل شهادة الدكتوراة التخصصية في فلسفة النقل البحري تخصص إدارة موانئ بحرية من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية – جمهورية مصر ، وقبلها شهادة الماجستير في تخصص عمليات الأسطول البحري والسلامة البحرية من نفس الأكاديمية، فأهلا وسهلا بك.
أهلا وسهلا بك أخي العزيز " عبدالله " شاكرا لك إتاحة الفرصة على الاستضافة وإعطاء هذه المساحة لإجراء هذا الحوار الصحفي وأتمنى أن نكون عند حسن ظن الجميع .
- " د. نبيل " فيما تكمن أهمية الدراسات العليا في تطوير العمل والارتقاء به ؟
الدراسات العليا هي جزء من الدراسات التخصصية التي تعالج مشكلة وتبحث عن حل لها بأصول علمية وأسس منهجية مع بالاستفادة من الأبحاث والدراسات التخصصية وفق طرق بحثية عالمية متفق عليها، وهذه الدراسات هي أساس التنمية والنجاح في الدول الناجحة ويتم اتخاذ القرارات وتوجيه القدرات بناء على مخرجات هذه الدراسات لأن انطلاقها ناتج من مشكلة بحثية واقعية وهدفها حل هذه المشكلة بحلول علمية تطبيقية، وطبعا دراسات الدكتوراة هي دراسات عميقة لأنها تمنح الباحث أكبر درجة علمية ومتطلباتها ذات طابع خاص، ولا يتم منح الدرجة العلمية إلا بعد أن يتم إقرار الدراسة من المشرفين أولا ثم من قيادة معهد الدراسات العليا ثم تعرض هذه الدراسة في جلسة نقاشية عامة وتخضع للمناقشة من قبل خبراء أصحاب درجات علمية عالية وخبرة عملية ليتم الموافقة على الدراسة واجازتها، ومن هنا فإن الأخذ بنتائج هذه الدراسات هي أحد أهم أسباب النجاح للدول والمؤسسات المتخصصة.
- حدثنا بشكل مختصر عن تخصصك الذي حصلت فيه على شهادة الدكتوراة بامتياز؟
الحمد لله على توفيقه لي وحصولي على هذه الدرجة العلمية العالية في فلسفة النقل البحري ( تخصص إدارة وتشغيل الموانئ البحرية ) من معهد الدراسات العليا البحرية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية بجمهورية مصر العربية، وهو تخصص يهتم بالتوجهات الحديثة لإدارة وتشغيل الموانئ البحرية ولذلك كانت دراستي بعنوان ( دور تطبيق متطلبات التنمية المستدامة على تطوير أداء الموانئ البحرية ) من خلال ستة محاور أساسية تبناها البرنامج العالمي لاستدامة الموانئ إضافة لعدد من الدراسات التخصصية للتنمية المستدامة بالموانئ البحرية وهي (1) تعزيز البنية التحتية والفوقية، (2) تطبيق متطلبات التحول الرقمي، (3) تطبيق منظومة إدارية ولوجستية متقدمة، (4) تحقيق متطلبات السلامة وحماية البيئة، (5) تعزيز دور رأس المال البشري، (6) الامتثال للأطر التشريعية، وتم بحث دور كل محور من هذه المحاور على الموانئ البحرية بالتطبيق على محطة عدن للحاويات كونها أكبر محطة حاويات باليمن وموقعها الجغرافي يمكنها لتكون أحد أهم محطات الحاويات في المنطقة.
الدراسة أيضا عملت مقارنة بين محطة عدن للحاويات وأفضل ثلاث محطات حاويات بالمنطقة بحسب المؤشرات الدولية لترتيب محطات الحاويات بالعالم وهي: (1) محطات حاويات ميناء جبل علي بدبي، (2) محطات حاويات ميناء جدة بالسعودية، (3) محطة حاويات ميناء صلالة بعمان ، وتم دراسة وضع هذه المحطات وأسباب نجاحها لتطبيقها في محطة عدن.
هل دراسة الدكتوراة تقتصر على رسالة بحثية فقط أم أن هناك مقررات دراسية ؟
دراسة الدكتوراة في معهد الدراسات العليا البحرية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية عبارة عن دراسة مقررات أولا لمدة سنة دراسية ثم دراسة بحثية للفترة المتبقية وفي الإجمالي مابين ثلاث سنوات إلى ست سنوات.
- لماذا اخترت محطة عدن للحاويات كحالة دراسية تطبيقية في بحثك، وماهي أبرز نتائج الحالة ؟
محطة عدن للحاويات تمتلك مقومات مهمة جدا وموقعا جغرافيا متميزا غير أنها تعاني القصور في الأداء والضعف في التنافسية مقارنة بمحطات الحاويات الأخرى الناجحة في المنطقة وهذه المشكلة جعلتني أركز البحث على إيجاد الحلول للمشكلة بعد تشخيصها بشكل صحيح من خلال التقييم للوضع الحالي للمحطة ثم استخلاص المقترحات والتوصيات بناء على التقييم والدراسات المتخصصة والمقارنة مع الموانئ الناجحة كما أسلفت.
تعد محطة عدن للحاويات أكبر محطة حاويات باليمن وأحدثها من حيث المعدات والأنظمة الالكترونية وتتميز بموقع جغرافي على الخط الملاحي الدولي الذي يربط الشرق بالغرب ولا تحتاج السفن لأكثر من 4 أميال بحرية فقط لتغيير اتجاهها للوصول إلى محطة الإرشاد، وهي محمية طبيعيا من الأمواج والرياح الموسمية الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية مما يمكنها من العمل دون توقف طوال العام، والمسافة التي تفصل محطة عدن عن مضيق باب المندب هي 105 ميلا بحريا فقط وغير ذلك من الامتيازات لهذه المحطة.
خلاصة القول أن لدى محطة عدن للحاويات مقومات مهمة جعلتها من أنجح المحطات في المنطقة وأن تكون وجهة أولى لخطوط الملاحة الدولية غير أن هناك قصورا في مقومات أخرى مهمة أيضا جعلها متأخرة عن ركب المحطات المنافسة في المنطقة بحسب المؤشرات المتخصصة لترتيب الموانئ بالعالم مثل اللويدز والبنك الدولي والأنكتاد.
- الاهتمام بالنقل البحري والموانئ هو اهتمام عالمي وبلادنا تحتاج لذلك فما هو الوضع الحالي للنقل البحري اليمني ومؤسساته ؟
بالفعل اهتمام العالم بالنقل البحري كبير جدا ومخرجات هذا الاهتمام هي صناعة نقل بحري متطورة وموانئ بحرية ذات إمكانيات كبيرة من بنى تحتية وفوقية وتكنولوجية وبشرية، وهذا منح تلك الدول موارد مهمة وإيرادات مالية عالية حتى أصبحت الموانئ في بعض الدول هي القاطرة الأساسية لاقتصادها الوطني، كون الموانئ صناعة عالمية ترتبط بجميع الأنشطة الأخرى في البلد من أنشطة تجارية وصناعة وغيرها.
الجمهورية اليمنية حباها الله بموقع جغرافي استراتيجي فريد فهي تطل على البحر العربي وخليج عدن والبحر الأحمر ويتبع لها مضيق باب المندب ولديها شريط ساحلي يبلغ 2500 كيلو متر وهي على خطوط التجارة الدولية العالمية وهذا يمكّنها من أن تكون في طليعة الدول الناجحة في صناعة النقل البحري وبالأخص الموانئ البحرية، وقد أفردنا في بحثنا جزء منه لإظهار هذه الميزات التنافسية للموانئ اليمنية وبالأخص محطة عدن للحاويات التي لو تم الاهتمام بها بالشكل الصحيح لأصبحت من أنجح محطات الحاويات في المنطقة.
الوضع الحالي للنقل البحري وللموانئ يسير مع وضع الدولة فهي في حالة حرب ووضعها الاقتصادي والسياسي ضعيف وبالتالي ينعكس ذلك على الموانئ البحرية، وإن كان وضع الموانئ البحرية حتى قبل الحرب كان ضعيفا ولم يجد الاهتمام الذي يستحقه، ولذلك فإننا نوصي أن يتم الاهتمام بالنقل البحري وموانئه واستثمار هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي من خلال تعزيز البنى التحتية والفوقية وتقديم خدمات تنافسية للسفن لجذب الخطوط الملاحية العالمية للموانئ اليمنية.
- هل يمكن أن تكون الموانئ اليمنية مساهمة بفعالية في تنمية الاقتصاد اليمني؟
نعم، فما حباه الله لهذا البلد من موقع جغرافي متميز كما أسلفنا يمكنها من ذلك وبشكل كبير وسيكون النقل البحري هو قاطرة أساسية من قواطر التنمية الاقتصادية للجمهورية اليمنية، ولكن لابد أن نوضح أن الموقع الجغرافي في الوقت الحالي ليس كافيا لجذب الخطوط الملاحية وسفنها للموانئ فالتنافس العالمي هو بالمقومات والميزات التنافسية التي تملكها الموانئ وأول تلك المميزات هي البنية التحتية والفوقية للموانئ من أرصفة وأعماق ومعدات وغيرها إضافة للرسوم للميناء والخدمات المقدمة وبالأخص عامل الوقت فالنقل العالمي يقاس بالوقت من خلال مؤشرات مختلفة تقيس الوقت الذي تقضية السفينة في الميناء من لحظة وصولها إلى حين مغادرتها، إضافة للإيفاء بالمتطلبات الأمنية، وهل لدى الميناء شهادة كفاءة أمنية وفقا والمدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية، ثم كيف وضع التكنولوجيا بالميناء وتطبيقاتها والعامل البشري وتأهيله والتكامل بين الميناء والمؤسسات الحكومية الأخرى من منطقة حرة وجمارك وشئون بحرية وغيرها.
المقصود أن نجاح الموانئ وتنافسيتها مربوط بأمور كثيرة مهمة ويجب إيلاءها الاهتمام سواء عن طريق الإدارة الوطنية لتلك الموانئ أو الإدارة عن طريق القطاع الخاص المتخصص وبالأخص الشركات العالمية وخطوط الملاحة المشهورة مثل ماحصل في ميناء صلالة بسلطنة عمان بعد أن تسلمت شركة ميرسك إدارة الميناء وأثمر نجاحه بشكل كبير حتى احتل المركز الثاني عالميا ضمن مؤشر البنك الدولي لمحطات الحاويات.
- هل الكوادر البحرية الموجودة حاليا في حضرموت كافية لتطوير هذا القطاع؟
حضرموت عانت كثيرا من تهميش واضح في جانب القطاع البحري وللأسف هناك عدد قليل من أبناء حضرموت ممن تخصصوا في علوم النقل البحري المختلفة كون التخصصات هذه مربوطة في الغالب بالدولة وهي تختار من الطلاب لابتعاثه للدراسة في الخارج سواء في تخصصات البكلاريوس للملاحة البحرية والهندسة البحرية ولوجستيات النقل البحري أو في الدراسات العليا للماجستير والدكتوراة، وإلى عهد قريب كان المرشدون المتواجدون في ميناء المكلا والذين يرشدون السفن عند الدخول هم من غير أبناء محافظة حضرموت.
حاليا الوضع اختلف والحمد الله فلدينا عدد من الكوادر من أبناء حضرموت في تخصصات الملاحة والهندسة البحرية والدراسات العليا لكنهم قليلون مقارنة مع ما تملكه المحافظة من موانئ حالية أو موانئ مستقبلية، وأود هنا أن أشكر الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان رئيس مجلس أمناء مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية الذي أحدث النقلة في عدد المتخصصين من أبناء المحافظة بعد أن ساهم في تخرج عدد غير قليل منهم، ثم مؤسسات الدولة المختصة كمؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية و الهيئة العامة للشئون البحرية.
وهنا يجب الإشارة لحاجة حضرموت خاصة واليمن بشكل عام لأكاديمية بحرية متخصصة، فاليمن لديها موانئ حالية ومستقبلية وهي دولة مطلة على البحر ووجود الاكاديمية ستسهم في تأهيل رأس المال البشري اليمني.
- بحسب سيرتك الذاتية فأنت جمعت تخصصات عديدة فأنت محاسب وتحمل دبلوم عالي إدارة أعمال وقد عملت من قبل في الإعلام فكيف استطعت أن تجمع هذه التخصصات وهل تخصصك الأخير يعني ابتعادك عن التخصصات السابقة؟
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فالحمد لله أولا وآخرا ، صحيح أنا في الأساس متخصص إدارة أعمال حيث درست دبلوم عالي إدارة أعمال لمدة سنتين دراسيتين في العاصمة صنعاء بعد الثانوية، ثم بعدها واصلت الدراسة الجامعية تخصص " محاسبة "، وعملت بعدها مدير إدارة حسابات في الهيئة العامة للشئون البحرية بحضرموت، وأثناء ذلك كنت أعشق الإعلام والصحافة وبسبب قربي من مجموعة من الأخوة الصحفيين في المحافظة وجدت فرصة لحضور دورات تخصصية في الاعلام ومارسته لمدة سنوات حتى أصبحت في فترة صحفي ومدير التحرير في موقع هنا حضرموت وقبل ذلك عملت محرر أخبار ومراسل بموقع المكلا اليوم وبمجموعة من الصحف والمواقع الإخبارية وهذا أكسبني خبرة وتخصصا جديدا إضافة للإدارة والمحاسبة.
عملي في الهيئة العامة للشئون البحرية وهي الهيئة الحكومية المتخصصة في تمثيل الدولة في المحافل البحرية الدولية والمختصة بتطبيق التشريعات البحرية الوطنية والدولية وذات المهام فيما يخص تحقيق السلامة البحرية في السفن وحماية البيئة البحرية إضافة لمهام التعليم البحري جعلني أفكر كثيرا في التخصص في هذا المجال المهم جدا والذي تحتاجه البلد بشكل كبير خاصة محافظة حضرموت، فسألت كثيرا حتى وجدت الفرصة للالتحاق بالأكاديمية البحرية الأولى على الشرق الأوسط وهي الأكاديمية التابعة لجامعة الدول العربية والتي فتحت المجال للقبول في الدراسات العليا البحرية وبحمد الله درست فيها ماجستير لأكثر من سنتين وحصلت على الماجستير بامتياز في تخصص عمليات الأسطول البحري والسلامة البحرية، ثم عدت إلى الوطن وعملت فترة سنتين وعدت مرة أخرى للأكاديمية نفسها لدراسة الدكتوراة التخصصية في مجال إدارة وتشغيل الموانئ البحرية وكان لي ذلك بحمد الله وتوفيقه وحصلت على الدكتوراة بامتياز في فلسفة النقل البحري تخصص موانئ بحرية.
التخصصات التي أحملها حاليا هي تخصصات تكاملية وأنا حاليا أعتبر متخصص إدارة نقل بحري وتخصصات المحاسبة وإدارة الأعمال والاعلام هي ركائز أساسية في النجاح الإداري وهذه ميزة بحمد الله.
ختاما : كيف يساههم " د. نبيل " في نقل المعرفة والخبرة التي اكتسبها وعكسها على الواقع ؟
حاليا أعمل جاهدا على إفادة غيري والمساهمة في تطوير مؤسسات الدولة البحرية من خلال عقد دورات تخصصية في إدارة وتشغيل الموانئ البحرية والسلامة البحرية ولوجستيات النقل البحري والتشريعات البحرية المختصة وغيرها، كما أني أقدم محاضرات تخصصية في كلية الشرطة بحضرموت وأقدم دورات في المركز البحري للتدريب والتأهيل بمؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، إضافة للسعي لدى الجامعات لافتتاح أقسام تخصصية في علوم النقل البحري وهي فكرة لاقت قبولا وبإذن الله تتحقق مستقبلا .