آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-12:04م

إيران تردّ... ولكن بلطف!

الجمعة - 13 يونيو 2025 - الساعة 05:43 م
عزيز ابو وائل

بقلم: عزيز ابو وائل
- ارشيف الكاتب



في مشهد مألوف يُعاد تكراره بعد كل عدوان إسرائيلي على إيران ، حيث تخرج الاخيرة بتصريحاتها المعتادة، المعبّأة حماسة، والمملوءة وعودًا، ردًا على أي عدوان إسرائيلي يستهدفها أو يستهدف حلفاءها أو مصالحها في المنطقة. وكالعادة، تبدأ المراسم بتصريح ناري من المتحدث باسم الخارجية الإيرانية يؤكد فيه بأن:

"الردّ سوف يكون قاسيًا في الوقت المناسب والمكان المناسب!"

ولكن، مع مرور الأيام، يتبيّن أن "الوقت المناسب" هو مصطلح فلسفي، قابل للتأويل، وقد لا يأتي أبدًا، وأن "المكان المناسب" قد يكون في زاوية مهجورة على الحدود السورية لا تمر بها حتى الطيور.

وفيما تنتظر الشعوب ردًا يشعل تل أبيب، تأتي "الضربة الانتقامية" الإيرانية عبر حساب تويتر لوكالة أنباء فارس، مرفقة بصورة قاسم سليماني وغيره ممن طالتهم الضربات الإيرائيلية،طبعا _ باللون الأبيض والأسود_ وتعليق مبهم :

"الدم لا يُنسى... والرد آتٍ..."

ثم لا شيء. لا صواريخ، لا طائرات مسيّرة، فقط تغريدة، وربما مسيرة رمزية في طهران يشارك فيها عشرة متظاهرين وديك.

وفي تطور جديد، قامت إيران بعد أحد الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة بـ"ردّ استراتيجي غير مباشر" عبر إطلاق أربعة صواريخ من اليمن سقطت جميعها في البحر الأحمر. الردّ كان دقيقًا لدرجة أن السمك لا يزال يشتكي من التوتر هههه.

أما أبرز التصريحات التي أثارت الجدل، فكانت قول أحد القادة العسكريين:

"نحن نمتلك خرائط دقيقة لكل منشأة في إسرائيل، وسنستخدمها في الوقت المناسب!"

الشارع العربي ظنّ لوهلة أن الرد قادم. ثم تبين لاحقًا أن الخرائط المذكورة كانت من تطبيق Google Maps، ومنشآت العدو محاطة بنجوم لحفظ المواقع "المفضلة".

الواقع يقول إنّ الرد الإيراني غالبًا ما يأتي من خلف الستار، وبكميات محسوبة بدقة، لتُبقي على قواعد الاشتباك كما هي : ضجيج إعلامي مرتفع، وعمليات ميدانية لا تُغضب أحدًا كثيرًا، ولا تُرضي أحدًا تمامًا.

ولعل أجمل ما في هذه الردود أنها قابلة للتأجيل، التفسير، والتأويل، كما لو أنها مشروع تخرج جامعي في مادة "الغموض البنّاء".

في النهاية، يبدو أن العلاقة بين طهران وتل أبيب تقوم على نوع خاص من التفاهم غير المعلن: نهددكم، تردون بضربات اقوى ، فنهددكم مجددًا، ونؤكد دومًا أننا "سنحتفظ بحق الرد، ولكن ليس اليوم ولا غدا وبإمكانكم أن تمدوا أرجلكم إن شئتم ."