آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-04:45م

النفط في بلادنا ... مصباح لا يضىء

الخميس - 12 يونيو 2025 - الساعة 10:17 ص
أ.د مهدي دبان

بقلم: أ.د مهدي دبان
- ارشيف الكاتب


أ.د. مهدي دبان


النفط... هذه المادة السحرية التي تغير مصائر الشعوب، وتحولها من الجوع إلى الشبع، من الحرمان إلى الهليمان، ومن الحفاة العراة إلى التطاول في البنيان. مادة تستخرج من باطن الأرض، فإذا بها ترفع من يملكها إلى عنان السماء. سُميت بالذهب الأسود لقيمتها العظيمة، لكنها في عيني تشبه مصباح علاء الدين السحري، ذاك الذي سمعنا عنه في حكايات الخيال، والذي يلبي الأمنيات ...


البلد التي تنعم بوجود النفط في أراضيها أو بين خلجانها تشهد قفزات نوعية في معيشة الناس، في بنيتها التحتية، وفي استثماراتها، وتفتح أبوابا واسعة للحلم والنهضة. كل هذا جميل... بل في غاية الجمال، لكنه للأسف لا ينطبق علينا.


في بلادنا، حتى لو كانت بحارنا كلها نفطا، وصحراؤنا معادن، وجبالنا ذهبا، فستظل المعاناة لصيقة بالإنسان. شظف العيش، والمهانة الاجتماعية، وضيق الحال... كل ذلك لم يتغير. فالسؤال المؤلم هنا: لماذا؟


الجواب ليس معقدا، بل هو ما يُبطل العجب ويُذكي الغضب:

نعم، وُجد النفط والغاز، ووجدت ثروات أخرى لا تُعد ولا تُحصى منذ زمن بعيد، لكنها لم تُستثمر في بناء الوطن، بل تحوّلت إلى مليارات تتدفق في جيوب المتنفذين والمستفيدين، الذين ركبوا موجة السلطة وتسلطوا على مقدرات البلد.


نعم، يتذكر الناس زمناً كانت فيه الأسعار معقولة، والوقود متوفراً، والكهرباء تُغطى بمحطات تعمل بالوقود المحلي. لكن ماذا عن اليوم؟ ما الذي تغير؟


المشهد لم يتغير كثيراً من حيث النهب، فما زال شغالًا (قرعة)، ولكن ما تغيّر هو أن ما كان يصل إلى المواطن مدعوما اختفى، وأصبح يُباع له بأسعار باهظة، أعلى من الأسواق العالمية. وبلغ بنا الحال أن توقفت محطات الكهرباء، بسبب غياب الوقود اللازم لتشغيلها، رغم أن النفط بين أراضينا!


أيعقل أن يكون بين أيدينا الذهب الأسود، ولا نرى منه غير السواد؟

أيعقل أن تُبنى نهضات في بلدان أخرى بفضل نفطها، ونُدفن نحن تحت ركام أزماتنا؟


من الآخر...النفط في بلدنا صار نغمة علينا، بعد أن كان من المفترض أن يكون نعمة.

تكالبت الأيادي على "البزبوز" من كل جهة، فحُرم الناس من خيره، وحُرمت البلد من تنميته.

صار المواطن يتمنى، بحرقة، لو أن هذا الذهب الأسود لم يظهر أصلًا في بلادنا.


ليس النفط هو المشكلة... بل من يتحكم به.

ليس الذهب الأسود من ظلمنا... بل من سرق بريقه، وجعلنا نعيش في عتمته.