قبل ذهابي إلى قاعة بلقيس في الانشاءات، للمشاركه في اجتماع قبيله الجرادمه بدعوه منهم كنت في شعور صعب يشبه إلى حد بعيد تمامًا شعور الطالب البليد الذاهب لامتحان صعب جدًا. وكنت منهكًا قليل النوم بعد وعكة صحية شديدة الوطء.
داخلي مشاعر رهيبة من التناقض، مشاعر إنسان عاش في عصرين: عصر النظام والدولة وعصر الجاهلية الأولى. كانت مشاعر مزدوجة توحي إلى أفكار رمادية مشوشة. لم أشعر بالطريق من منزلي في مدينة السلام إلى شارع التسعين، فقد كنت حقًا شارد الذهن. تذهب بي الأفكار شمالا ثم يمينا.
ماذا عساه أن يحدث في هذا الاجتماع التشاوري؟ ما هي الكلمات المقنعة التي يمكنني أن اختارها حتى أوصل فكرتي؟ أعرف مسبقًا أن فكرتي صحيحة وحضارية ومخرج صحيح ومناسب، وهي أن طريق القانون سيد الموقف الأمني!
لكن بالمقابل، أدرك أن الكلام عن القانون هو ضرب من الجنون، ومثله مثل الباحث عن الفضيلة في شارع العرب بكولامبور. الشباب، نعم، نعاني من نزقهم كثيرًا، وهو شيء مبرر في عهد الفوضى وغياب التعليم. وهذه كانت إحدى أسباب تخوفي.
لكن ما إن استمعت إلى المداخلات وشاهدت الأسلوب الراقي للمؤازرة وكم ضبط النفس، إمام المصاب الجلل ..واتفاقهم مع شيوخوهم المسبق قبل الحضور للقاعه بان الاولويه للقانون وبدأت مخاوفي، وإذا بها تتبدد شيئًا فشيئًا.
رأيت أفراد القبيلة قد أصبحوا آذانًا صاغية للنصح، مسلمين جوارحهم للنصح، تهفو أنفسهم المكلومة للعدالة. معطين القانون الأولوية القصوى، مدركين وعورة الطريق، لكن بكل مسؤولية ووعي عقلهم الباطن والجمعي، وضعوا السلم الاجتماعي أمام ناظريهم هدفًا نهائيًا.
إن قبولي للمهمة الصعبة لاكون ضمن فريق الحل لم يكن سهلًا، لكن إصرارهم وتوافق موقفهم الرائع مع قناعاتي كان السبب الأول في ذلك.
أخيرًا، أكرر اندهاشي واعجابي برقي العقلية لأفراد القبيلة، وسمو شعورهم في السلم الاجتماعي، وادراكهم لأهمية ومعنى الدولة وترابطها المجتمعي، وشعورهم المسؤول أمام فقيدهم وأمام المجتمع ككل.
ومن خلال مداخلات الجميع، أدركت أهمية الدولة وأهمية سرعة حضورها واستعداد الناس للوقوف معها. وادركت أن الناس قد سئمت الوضع الحالي تمامًا ورفضها المطلق له واستعدادها لتغيره.
أتمنى أن يحذوا الجميع حذو حذو هذه القبيلة النموذج في الملمات وعظائم الأمور، ويستحضروا هذه الرابطة العالية للجأش والمسؤولية، وأدعو لي ولزملائي النجاح في همهمتنا.والعداله والانصاف لشهيد الكلمه والموقف انيس الجردمي اتفقنا او اختلفنا معه
عبد الناصر السنيدي