آخر تحديث :الخميس-12 يونيو 2025-08:56م

حُزني على عُمري، وحُزني على الوطن…

الأربعاء - 11 يونيو 2025 - الساعة 09:36 ص
فضل علي العيسائي

بقلم: فضل علي العيسائي
- ارشيف الكاتب



قضيت جلّ عمري أحلم بوطنٍ يمنحني حياةً كريمة، أعيشها كما يعيشها سائر البشر، آمنًا على نفسي ومالي وعِرضي دون انتقاص. وكلما انقضت مرحلة تعيسة، كنت أتأمل في التي تليها، وأتمنى أن تكون أفضل، فإذا بها تُكشّر عن أنيابها، وتغدو أشد قسوة من سابقتها.


تجاوزنا مرحلة “القائد والمُوجّه، وعقل وشرف وضمير الشعب”، وتطلّعنا إلى الانفتاح والحرية، لنجد أنفسنا في منزلق “من قبلك ندم، ومن بعدك عدم”. ورغم توفّر الحد الأدنى من العيش، ظلّ حلمنا أن نحيا بكرامة، لأننا بشرٌ خلقنا الله في أحسن تقويم، وجاهدنا من أجل تلك الكرامة، وضحّى الأبطال بأرواحهم، وبأجسادهم، وبراحتهم وأموالهم، كي نحيا أحرارًا، أعزّاء، في وطنٍ يصون كرامتنا.


لكننا نُصدم، بعد كل تلك التضحيات، أننا دخلنا في المرحلة الفرعونية: “أنا ربكم الأعلى”. فصرنا نحاسب ونُعاقَب، ونحن المظلومون، على مجرد كلماتٍ نقولها، بينما رب العزة نفسه يقول:

“لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ” [النساء: 148].


نادينا بمظلوميتنا، فإذا بنا ندفع أرواحنا ثمنًا لذلك، في مخالفةٍ لكل الشرائع السماوية والمعتقدات البشرية. فإذا كانت عقوبة سبّ الذات الإلهية في القانون اليمني، وفقًا للمادة (256)، هي السجن سبع سنوات، وهو الإله الذي خلقنا وخلق الكون، فكيف يُزهق بشرٌ أرواحَ بشرٍ آخرين إرضاءً لـ”ربهم الأعلى”؟!


وفي خضم هذا المعترك، أجد نفسي منحازًا للمظلومين، لأني واحدٌ منهم، ولا أخشى على نفسي من سوط الظالم، لأني أُؤمن أن القضاء والقدر بيد الله، لا بيد الطغاة. وكما رحل “عقل وشرف وضمير الشعب”، ورحل “القائد الضرورة” الذي من بعده ندم ومن قبله عدم، سيرحل “فرعون”، وسيرحل كل ظالم، ولن يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.


لقد خُلقنا أحرارًا، وسنموت كذلك، بإذن الله.


العميد/ فضل البُجيري العيسائي

عدن – 11 يونيو 2025م