آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:19م

مأرب قلعة الجمهورية وسيف الوعي .. حين تكسّرت رماح الفوضى على جدار الدولة والقبيلة

السبت - 07 يونيو 2025 - الساعة 06:16 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


(ضمن سلسلة مقالات صرخة وعي، قراءة في استراتيجية التحفيز)


مأرب... المدينة التي تحرسها أرواح الشهداء وتستمد صمودها من وهج دماء الأبطال، لم تكن يوماً رقماً هامشياً في معادلة الحرب والسلام، بل كانت وستظل قلاع المجد وحصن الدولة وقبلة الأحرار. هذه المدينة التي امتزج فيها البُعد القبلي بالحضور المؤسساتي، وتجذّر فيها الولاء للجمهورية، ليست أرضاً تُستباح، بل روحاً عصية على الكسر، وذاكرة وطن لا تقبل العبث.


على هذه الأرض التي ارتوت بتضحيات المئات من خيرة أبناء اليمن، تتكسر اليوم مجدداً محاولات التمرد وتفتيت اللحمة الوطنية، سواء كانت بعباءة دينية، أو بلبوس قبلي عميل أو مرتزق.


في سياقٍ بالغ الحساسية، وفي لحظة اشتداد الهجمة الحوثية، وحين بدأت الشرعية اليمنية تعيد تموضعها وتشكيل استراتيجيتها للحسم، وتعيين رئيس جديد للحكومة تمهيدًا لمرحلة أكثر صرامة في مواجهة المشروع الانقلابي، حاولت أذرع التخريب المرتبطة بالحوثي عبر أدواتها المحلية إرباك المشهد في مأرب.


ففي 4 يونيو 2025، شهدت أطراف مدينة مأرب، وتحديداً مديرية الوادي، حادثة تمرد مسلح قادها عناصر، المرتبطة مباشرة بجماعة الحوثي. تمثلت هذه الأعمال التخريبية في قطع الخط الدولي الرابط بين مأرب وحضرموت، والاعتداء على النقاط الأمنية والعسكرية، واستهداف البنية التحتية وخصوصاً الكهرباء والطرق العامة، في محاولة لخلق حالة فوضى وتهديد للأمن والسكينة.


لكن ما غاب عن مخططي هذه الفوضى أن مأرب اليوم ليست كما كانت. فاليقظة المجتمعية فيها، والانسجام بين مؤسسات الدولة ومكونات القبيلة، باتا سداً منيعاً أمام أي اختراق. لقد وقفت قبائل عبيدة – التي أرادوا استغلال واجهتها – موقفاً مشرفاً برفضها الانجرار خلف دعوات التخريب، لتؤكد من جديد أن القبيلة عندما تتحالف مع الدولة لا تقهر.


أجهزة الدولة تصرفت بمسؤولية، حيث تعاملت مع الموقف أولاً بالحكمة وفتحت أبواب الوساطة، وعندما أصر المتمردون على العبث، تدخلت القوات الأمنية والخاصة ونجحت في تفكيك معسكر التمرد، وإعادة تأمين الطريق العام، دون أن تنجر إلى مواجهة شاملة، مما يعكس رصانة الأداء وتقدير الأولويات.


هذه الأحداث لا يمكن فصلها عن السياق الاستراتيجي للمشروع الحوثي – الإيراني، الذي يدرك تماماً أن مأرب هي الجدار الأخير الذي يفصل بينه وبين إخضاع اليمن لسلطته الكهنوتية. ومن هنا، فإن محاولات ضرب الاستقرار في هذه المحافظة تأتي لإرباك المعركة الكبرى، ولتعطيل أي تحرك وطني جامع نحو الحسم.


لكن الرسالة كانت واضحة: مأرب لا تسقط، لا بالمقذوفات، ولا بالأكاذيب، ولا بخناجر التخريب. مأرب وعي متقد، ودولة متجذرة، وقبيلة تعرف مكانها في معادلة الوطن.


ستظل مأرب قلعة الجمهورية، وسيف الوعي، وصخرة الواقع التي تتحطم عليها مؤامرات العمالة والارتهان.


وإلى أولئك الذين راهنوا على تفكيك الصف، نقول: من مأرب يبدأ الوطن... وفي مأرب تنكسر الفتنة.

—---

✍️ عبدالعزيز الحمزة

السبت ٧ يونيو ٢٠٢٥م