آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-10:54ص

اليمن.. حين يصبح البحث عن الخبز وسيلة لإلهاء الشعب!!

الجمعة - 06 يونيو 2025 - الساعة 11:29 م
عبدالكريم قاسم فرج

بقلم: عبدالكريم قاسم فرج
- ارشيف الكاتب


عبدالكريم قاسم


في دولٍ عديدة، اعتاد الحاكم أن يتبع سياسة "إلهاء الجماهير" كلما شعر بالخطر يقترب أو الشرعية تتآكل أو الأسئلة تُطرح. تختلف الوسائل وتتنوع الأدوات، لكن الهدف واحد: صرف أنظار الشعوب عن القضايا الكبرى، وتخدير وعيها الجمعي.


ففي بعض البلدان تُستثمر الفنون، من الغناء والرقص، كوسيلةٍ لإشغال الناس وتفريغ طاقاتهم العاطفية في مساحات لا تُهدّد سلطات الحكم. وفي بلدانٍ أخرى، تتورط أنظمة بأكملها في تغذية أسواق المخدرات والخمور، في عملية منظمة لإسقاط المجتمعات من الداخل، وتمزيق نسيجها الأخلاقي والإنساني. أما الرياضة، وعلى رأسها كرة القدم، فقد أصبحت الأداة الأنجع لتوجيه مشاعر الجماهير، وصناعة أبطال بدلاء عن أولئك الذين يُفترض أن يكونوا في ساحات النضال والتغيير.


لكن اليمن — هذا البلد الذي يعيش أزمة مركبة منذ عقود — حالة مختلفة. فالحاكم هنا لم يحتج إلى أدوات ترفيه أو وسائل تخدير، بل اختار وسيلة أبسط وأشد قسوة: الجوع.


في اليمن، لا يُلهى المواطن بمهرجانات الفن، ولا ببطولات الدوري، ولا بأغاني المساء، بل يُشغل يوميًا، ومنذ سنوات، بالسؤال الأهم: كيف أُطعم أطفالي اليوم؟.


تحوّل توفير الخبز والماء والغاز والكهرباء إلى معارك يومية تُنهك الناس وتستنزف كرامتهم. صار المواطن منشغلاً بصراعات البقاء، غارقًا في طوابير الانتظار، محاصرًا بأزمات لا تنتهي: الرواتب المقطوعة، الخدمات المنهارة، أسعار لا ترحم، وحرب لا أفق لها.


وهكذا، بينما يُبتكر في بلدانٍ أخرى فن التسلية السياسية، يُمارس في اليمن فن الإفقار كوسيلةٍ للسيطرة، وسياسة التجويع كأداة لإلهاء الشعب.


وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحقيقة المُرّة: في اليمن، ليس مطلوبًا من الحاكم أن يُلهي شعبه.. فقط عليه أن يتركه في صراعه اليومي مع الجوع، فذلك كفيلٌ بكتم كل صوت، وتأجيل كل حلم.