آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:19م

"حين تنفّس العيد فرحًا .. وانتشت مودِيَة امتنانًا!"

الجمعة - 06 يونيو 2025 - الساعة 10:36 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب



في صباحٍ مطرزٍ بنور الله، مشبعٍ بعبق الإيمان، حلّ عيد الأضحى على مودِيَة، لا كطقسٍ موسميٍّ عابر، بل كولادة جديدة للفرح، وانبعاث للروح من عمق المودّة الصافية.

هذا الصباح كان موعدًا لأجمل عناق بين الأرض والسماء، بين التكبير والوفاء، بين بهجة العيد وفرحة اللقاء.

وفي قلب ميدان التحرير، حيث يتوضأ المكان بالتكبيرات، وتنبض الساحة بالقلوب الطاهرة، اكتمل العقد الفريد بطلّةٍ منتظرة، طالما لهجت بها الدعوات، واشتاقت إليها الأرواح.

لقد حضر الأستاذ، بل النور، بل الرمز الذي لا يشبهه أحد: المربي الفاضل عبد الله بن علي مشدود.

المعلم، الإنسان... الذي غاب جسده يومًا بسبب ألمٍ أقعده، لكنّ حضوره اليوم ملأ القلوب، وأبهج النفوس، وأعاد للمكان روحه الأليفة.

جاء على كرسي متحرّك... لكنه كان وحده الواقفُ في عيون الجميع.

بل كان وحده من استحق أن يُرفع له المقام، ويُبسط له الحب، وتُجدد له المودة على طريق النُبل والصدق.

وما إن اقتربت منه... حتى امتدت يدي لمصافحة يده، فشعرت كأنني أصافح أغلى من أحبت نفسي...

صافحت النُبل كلّه، صافحت قدوتي، وأستاذي، وحبيبي، الرجل الذي كلما نظرت إليه تذكرتُ كيف يكون الصدق ممزوجًا بالحكمة، والتواضع مشبعًا بالهيبة.

يا الله...

أي رابط خفيٍّ بينك يا أستاذي وبين الله، جعلك تُحاط بكل هذا الحب، وكل هذا التقدير؟

أيّ سرٍّ جعلك تحلّ في القلوب كما تحلّ البركة؟

إن من أحبه الله، جعل محبته في قلوب خلقه، وها نحن اليوم نُحبك لا لأمر دنيوي، بل لأن فيك شيئًا من نور الله.

كنتَ اليوم، رغم أنك على كرسي متحرك، أكثر الحاضرين شموخًا، وأكثرهم عزة، وأعلاهم مكانة، وأرفعهم قدرًا.

كل من رآك، سلّم عليك بلهفة العاشق، وكأنك الأب، والمربّي، والمعلّم، والذاكرة، والحنان، والمبدأ، والقدوة في آنٍ واحد.

كان العيد اليوم في مودِيَة عيدين: عيد الأضحى، وعيد الوفاء للستاذ عبد الله مشدود.

وليس في الأمر مبالغة، بل هي الحقيقة كما رآها كل من وطأت قدماه ساحة المصلّى.

كنتَ الحاضر الذي سرق الأضواء، لكن دون أن يتكلّم، لأن الصمت في حضرتك أبلغ من أي كلام.

لقد علّمتنا اليوم درسًا جديدًا، دون أن تشرح، ودون أن تخطب…

علّمتنا أن الكرامة لا تتعب، وأن العظمة لا تتقزّم، وأن الطهر لا يشيخ.

يا أبناء مودِيَة، إن محبّتكم لأستاذكم اليوم كانت بيانًا راقيًا من بيانات الإنسانية، وكانت شهادة صدقٍ أن الخير لا يضيع، وأن العظماء لا يُنسَون، وأن القلوب الصافية تعرف أين تضع احترامها وتقديرها.

سلامٌ عليك أيها الأستاذ الكبير، يا من جئت فصار العيد عيدين، والفرحة فرحتين، والمكان مكانين: مصلّى وساحة وفاء.

كل عام وأنت بخير،

كل عام وأنت معلّم القلوب قبل العقول،

كل عام ومودِيَة تزهو بك وتدعو لك،

وترفع كفيها أن يُمتّعك الله بالعافية، ويبارك في عمرك، ويجزيك عنّا كل خير.


✍️ عبدالعزيز الحمزة

يوم العيد ١٠ ذي الحجة ١٤٤٦هـ

الجمعة ٦يونيو ٢٠٢٥م

🌹طابت جمعتكم 🌹