آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:19م

طريق "ثرة" ليست لعب أطفال… بل شريان حياة يجب أن يُفتَح الآن

الأحد - 01 يونيو 2025 - الساعة 11:36 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب



في زمنٍ تتداخل فيه الأهواء بالمواقف، وتُحاك فيه التحالفات على حساب الإنسان، برزت قضية طريق "ثرة" بوصفها عنوانًا للكرامة الشعبية، واختبارًا حقيقيًا لضمير النخب السياسية والمجتمعية في محافظة أبين، بل واليمن عمومًا.


لقد أثار اللقاء الذي عُقد اليوم الأحد، الأول من يونيو 2025، بدعوة كريمة من الشيخ سمير الحييد، رئيس المجلس الانتقالي بمحافظة أبين، حراكًا سياسيًا واجتماعيًا مهمًا. حيث اجتمعت شخصيات اجتماعية من المنطقة الوسطى، وتحديدًا من مديرية لودر، في نقاش صريح وعاصف حول ضرورة فتح طريق "ثرة" المغلق منذ سنوات بسبب الحرب التي فجرتها مليشيات الحوثي الانقلابية.

في أرضٍ مزّقتها الحرب، وشوّهت خرائطها بنيران الانقسام، تبقى الطرق أكثر من مجرد ترابٍ معبّد أو سلاسل جبلية تشقها العجلات. إنها شرايين وطن، ونبض مجتمع، وامتداد لحلم الناس بالوصول… لا إلى المدن فحسب، بل إلى أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة.


وطريق "ثرة" ليس استثناءً، بل هو المثال الصارخ على معاناةٍ صارت تنزف بصمت منذ سنين. ذاك الممر الذي يربط محافظة أبين بالبيضاء، ويخدم مئات الآلاف من اليمنيين، لا يزال مغلقًا كأن عليه حُجُبًا من الغموض، وكأن أهله خارج حسابات العدالة والإنصاف.


أهذا طريق لعب أطفال… أم طريق رجال وأحرار؟


حين يُقال –استهزاءً أو تنمرًا سياسيًا– إن فتح طريق "ثرة" ليس إلا "لعب أطفال"، يتساقط من هذا القول غبار الجهالة، وينكشف عري النوايا التي لا ترى في أبين إلا ساحة هامش، لا مركز قرار. لكن الأحرار من أبناء هذه المحافظة يدركون أن الطريق ليس مسألة ترف، ولا مزاج، بل ضرورة إنسانية، واقتصادية، وأمنية، بل هو حق لا يُنتزع ولا يُهمل.


فأي منطق يُجيز فتح طريق في محافظات اخرى، بينما يُغلق طريق "ثرة" الذي تعبره حاجات الناس وآمالهم ومعاناتهم؟ أليس الجميع في سفينة الوطن؟ أم أن البعض كُتب عليه أن يتوه في الطرقات، بينما يمر آخرون فوق الجسور الممدودة بقرار سياسي؟


تحية لعقلاء أبين... وموقف مشرف للشيخ علي القفيش


في هذا السياق، نشيد بالكلمة الحكيمة والعقلانية التي ألقاها الشيخ علي القفيش، عضو مجلس الشورى، في ذلك اللقاء، والتي دعا فيها إلى فتح طريق "ثرة"، بل وتوسعت رؤيته لتشمل كل طرقات اليمن: من أبين إلى لحج، وتعز، والبيضاء، إدراكًا منه بأن الطرق ليست فقط ممرات، بل هي حقوق، وأن حجبها هو نوع من العقاب الجماعي.


هذا الصوت العقلاني يجب أن يُبنى عليه موقف سياسي واضح من الدولة، ومن كل القوى الحية، الداعية إلى استعادة مؤسسات الدولة اليمنية وإنهاء حالة المليشيات والسلطة المزدوجة. لا يمكن أن نقبل بعد اليوم بأن تُدار مصالح الناس بناءً على مزاج جهات أو أفراد يرون في أبين مجرد رقم هامشي في معادلة السلطة، أو أن يتم التمييز بين محافظة وأخرى، وبين طريق وآخر.



مناشدة للسلطة المحلية: لا تنتظروا الإذن… تحرّكوا بمسؤولية التاريخ


من هنا، نتوجه بنداء صادق إلى السلطة المحلية في محافظة أبين، ممثلةً باللواء الركن أبوبكر حسين سالم، بأن يتحمّل أمانة المرحلة، ويصارع من أجل الحق، ويتخذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لفتح هذا الطريق الحيوي، وبسط الحماية الأمنية واللوجستية الكفيلة بضمان ديمومتة افتتاحه وسلامتة سالكيه.


لا نريد حلولًا مؤقتة، ولا وعودًا مؤجلة، بل نريد قرارًا واضحًا ينهي هذا الحصار غير المعلن على أبناء أبين، ويكسر العزلة عن مناطق لودر ومكيراس.


كفى حصارًا… كفى تجاهلًا… كفى عبثًا


لقد بلغ الألم مداه، ولم تعد هناك ذريعة يُحتج بها لإغلاق هذا الطريق. فالظروف التي منعت فتحه قد تغيرت، والمبررات سقطت، ولم يبق سوى الإرادة، إن وجدت.


وليعلم الجميع: إن أبناء أبين ليسوا "أطفالًا" كما ظن الواهمون، بل هم رجال صنعوا المجد في ميادين القتال، وزرعوا النخل في مواسم الجدب، وسيظلون يطالبون بحقوقهم حتى تُفتح الطرق، وتُفتح معها بوابات الإنصاف.


ختامًا… ليفتح طريق "ثرة" اليوم، لا غدًا


طريق "ثرة" ليست مجرد ممر جبلي… إنها قضية وطن، وكرامة شعب، وواجب دولة.


فلتُرفع الأقفال، ولتُكسر القيود، ولتسلك السيارات دربها كما تسلك الكرامة دربها إلى القلوب.


---

✍️ عبدالعزيز الحمزة.

الاحد ١ يونيو ٢٠٢٥م