آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:19م

العلم حين يموت تموت الأوطان

الأربعاء - 21 مايو 2025 - الساعة 10:46 م
عادل عياش

بقلم: عادل عياش
- ارشيف الكاتب



في زمانٍ ليس ببعيد كانت اليمن تتصدر المشهد كانت فخر الجزيرة العربية من حيث التعليم والنظافة والنظام وكانت تلامس سماء التحضر بيد وتمسك جذور المجد باليد الأخرى كان العلم فيها طريقاً إلى المجد وكان المعلم رمزاً للوقار والهيبة وكانت المدارس مصانع أمل تُخرّج جيلاً بعد جيل يعرف قدر العلم ويحمل شعلة النور أما اليوم فالوضع موجع حدّ الانهيار التعليم في مهب الريح المدارس مغلقة والمعلم مهان والطلاب تائهون في ظلام الجهل والفقر والوطن ينزف بصمت من خاصرته الأهم

كيف لوطن أن ينهض وقد انكسر عموده الفقري كيف لشعب أن يتحرر وعقله مكبل بقيود التهميش والإهمال كيف نحلم بوطن ونحن نهدم لبناته بأيدينا كيف نطالب بتحرير الأرض ونحن نترك العقل مقيداً بسلاسل الجهل كيف ننشد المجد والمدارس خاوية والمعلم يتضور جوعاً ولا يجد حق المواصلات ولا الدواء ولا حتى الكرامة أي نصر نرجوه وأساسه منهار أي مستقبل ننتظره وقد أضعنا البوصلة وتركونا نغرق في وحل الفساد والمحسوبية

لقد صار المعلم غريباً في وطنه يتكئ على صبره ويُهان في كرامته ويتحول من رمز إلى ضحية ومن مربي أجيال إلى رقم مهمل في طوابير الفقر والنسيان في وطنٍ لا يعترف بالعلم ولا يحترم عقول بُناته ماذا بقي لنا إن مات التعليم وماتت القيم وماتت الرغبة في البناء

لا مبرر اليوم لهذا الصمت لا حجة تُقبل أمام هذه الكارثة فمهما كانت الظروف ومهما اشتدت الأزمات لا عذر لانهيار التعليم لأنه آخر ما يجب أن يسقط التعليم ليس رفاهية وليس خياراً إنه ضرورة وطنية ومسؤولية أخلاقية والتفريط به تفريط بمستقبل أمة بأكملها

إذا أردنا وطناً حراً قوياً فالطريق يبدأ من الكُتب من الفصول من احترام المعلم من تمجيد السبورة والطباشير من إحياء قيمة الحرف والكلمة من العودة إلى الجذور إلى حيث كانت عدن تضيء الطريق لغيرها واليوم إما أن نعيد بناء هذا النور أو نقبل أن نظل في الظلام إلى الأبد.