عَودْ على بدءٍ، نستكمل هيكل العمل نقلًا عن البروفيسور أحمد فاضل جاسم الداوّد حفظهُ الله ؛الذي يعمل حاليًا في الجامعة التقنية الوسطى، وأشهر باحثي مجلة العلوم السياسية في كلية العلوم السياسية، بغداد، في العراق الحبيبة، ثم نُسقط أفكاره الاستراتيجية، وذلك وفق قراءتي مشهد الحالة اليمنية.
لا أُخفي على أحد ،بأن هذا العمل لم يرى النور إلا بعدما تعمقتُ في عدد القضايا اليمنية الشائكة ،كتوظيف أزمات اليمن من قبل الغير، و بما يتناقض مع توظيف القوة الاستراتيجية لليمن، وفي المقابل حاولت ترميم الفجوة بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية، والسياسية ،والوطنية، والمرتكزات الفكرية للجماعات الدينية في الجمهورية اليمنية ،والأخيرة تشهد طفرة نوعية في هذا التوقيت العصيب، والمعقد، الذي تمر به الجمهورية اليمنية.
-هيكل هذا العمل يتكون من مقدمة ،و ثلاث مباحث، وخاتمة ،واستنتاجات ، إذ يتضمن المبحث الأول على أسباب عدم الاستقرار الداخلي في اليمن، والمبحث الثاني طروحات اعادة البناء بعد الحرب، والمبحث الثالث مستقبل الاستقرار الداخلي في اليمن، واستراتيجية( بناء اليمن) تنمية وتطوير .
دعونا نتوقف عن سرد تفاصيل المباحث ،والمطالب لهذا العمل بصورة مؤقتة لتُنشر لاحقًا، ونستعرض بفلسفة تاريخية ،وموضوعية الحالة اليمنية، والتي بموجبها سنُدرك مطلوبية ملحة تاهت علينا بسبب دوامة الحرب، التي تعيشُها الجمهورية اليمنية.
أليس تحقيق الوحدة اليمنية 22مايو 1990منتجنا السياسي الوطني الوحيد بإمتياز؟،وبالتالي بقية البضائع السياسية منذُ ذلكم التاريخ، والى اليوم ،وكل الماثل أمامنا ، لايعد سوى بضائع مستوردة ،مسبوغة بمصلحة عابرة للحدود ،والأجواء اليمنية ،والدليل وجود راعِ دولي/ بوكالة أقليمية يدعم انفصال اليمن، لكنهُ هُزم أمام الدستور اليمني، الذي يُجرم أي عمل أو سلوك يهدد وحدة الدولة، وبالتالي السلطة الحالية لا تستطيع أن تتفاوض، أو تقبل بأي وضع يؤدي إلى ذلك. وعليه، فإن الانفصال القانوني الوحيد الذي سيعترف به الداخل اليمني ،والعالم لن يكون إلا بتغيير المادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية، بنص يسمح للمحافظات الجنوبية ،بإعلان الانفصال، أو الاستفتاء لتقرير المصير، أو أي صيغة أخرى. وهذا التغيير يتطلب استفتاءً شعبياً من قبل جميع المواطنين اليمنيين، وحدوث هذا الأمر عملية شبه مستحيلة في ظل وجود أغلبية شمالية (85 في المائة من سكان اليمن) تعارض الانفصال.
لما سبق؛ لم يعد أمام الراعِ الدولي بوكيلهِ الأقليمي سوى طريق إجباري، وحيد، والانتقام من الشعب اليمني ،من بوابة تقسيم / تفريخ مكونات المجتمع اليمني، وتوسيع هوة عدم الاستقرار الداخلي، مستغلًا تغرة الخلافات البينية ، ثم شيطنة تنمية وتطوير اليمن، ومن أبرزها استراتيجية دخول الجميع في خلافات لا مسئولة على تقاسم الثروات والمناصب ، وهذا المشهد يتجلى بوضوح أمام مسمع ومرأى كل اليمنيين ،بل واضح كوضوح الشمس في كبد السماء. أذً الحقيقة التي نكشفها للعالم اليوم، بأن اليمني يدفع ثمن تمسكهُ بوحدة وسلامة الأرض اليمنية من قُوتَ يومهِ، وفقدان مختلف الخدمات والرواتب، والمميزات، والمشاريع التي كان ينعم بها ، والمحصلة النهائية، وأدّ التنمية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية ،والثقافية، والأمنية، والعسكرية ، وكلها تصُب على المدى البعيد في تدمير الاستقرار الداخلي للجمهورية اليمنية. ولحسن حظ اليمنيين لم ينتبه أعداء اليمن، بأن اليمن خُلق ليكون كبير، و قدرهُ أن يبقى ،ويظل كبيرًا ،وحاملًا علم " الجُمهورية اليمنية" الى ما لانهاية.