بين لهيب الصيف القاتل وانقطاع الكهرباء الخانق، وبين صمت المسؤولين وتخاذل الجميع، تقف عدن اليوم شاهدة على جريمة مكتملة الأركان ترتكب بحق أبنائها. مدينة محاصرة بالمعاناة من كل اتجاه: لا كهرباء، لا ماء، ولا بارقة أمل في الأفق. تستمر الوعود الكاذبة، وتتوالى التصريحات الجوفاء، بينما الحقيقة واضحة كالشمس عدن تعاقب.
محطة الرئيس الكهربائية، التي صممت لتكون طوق النجاة، تعطل عمداً. محطة قادرة على العمل بأنواع متعددة من الوقود: الخام، الديزل، الغاز… لكنها تترك خارج الخدمة بقرار غير معلن، لكنه رسالة فاضحة لن تنعم عدن بالكهرباء، ما دام البعض يتاجر في معاناة أهلها.
من المسؤول عن هذا الخراب؟ من الذي يجرؤ على إطفاء نور مدينة بأكملها؟ من المستفيد من ترك مئات الآلاف يواجهون الموت البطيء في صيف لاهب؟
ليست هذه أزمة عابرة، ولا خللاً فنياً عارضاً، بل جريمة ممنهجة ترتكب بحق عدن وأهلها.
عدن اليوم تختنق تحت وطأة الظلم. أطفال ينامون على حرارة لا تطاق، مرضى يموتون في مستشفيات بلا كهرباء، كبار سن يلفظون أنفاسهم الأخيرة تحت مراوح لا تدور… والضمائر غائبة، والسلطة صامتة، والمسؤولون منشغلون بمعارك النفوذ وتقاسم الغنائم.
أين الحل؟ أين الدولة؟ أين الضمير؟
لا يليق بهذه المدينة الصامدة أن تعاقب كل يوم. لا يليق بها أن تترك وحيدة تواجه أزماتها، بينما يتقاذف المسؤولون التهم، ويتخبطون في وحل الفساد والتقصير.
عدن تناديكم… فهل من مستجيب؟
وعند الله تجتمع الخصوم.