آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-11:02ص

ليلة إعدام الرئيس

الأربعاء - 26 يونيو 2024 - الساعة 09:21 م
عبدالكريم قاسم فرج

بقلم: عبدالكريم قاسم فرج
- ارشيف الكاتب


ليلة هجوم إسرائيلي
=============
ليلة ٢٦ يونيو 1978م كنت في وكالة انباء عدن حيث أعمل على طباعة النشرة الإخبارية الصادرة عنها.إستلمت آخر تقرير إخباري من موظف الإستماع السياسي.أكملت الطباعة عند الساعة الواحدة و خمس و اربعين دقيقة فجر يوم 26 يونيو.طلبت من سائق سيارة الوكالة أن يعيدني الى البيت.كان الجو خانقا و السماء مكفهرة و الكلاب تعوي كأنها ذئاب.ما أن أكملت إستحمامي من سطل وضعت لي امي فيه ماء ليبرد و تناولت أول لقمة بعد جوع كاد يمزق معدتي فهذا عشائي بعد آخر وجبة كانت في الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم السابق حتى سمعنا دوي إنفجار ثم تلاه إطلاق نار كثيف لم يتوقف و تعددت أصوات الإنفجارات فلم تعد هي تلك الرصاصات التي تنطلق من الكلاشينكوف.كان السكون يخيم على منطقتنا التي لا تبعد كثيرا عن دار الرئاسة و مجلس الوزراء و كنا وحيدين انا و امي في البيت نتسائل عما يحدث.لم يخمن احد منا ماذا يجري؟من يقاتل من؟ السماء تمطر رصاصا، أحداها إخترقت سقف بيت جارنا.سمعنا زوجته تصرخ.كسرنا الحاجز الخشبي بيننا و بين بيت جارنا.وجدنا جارنا ينزف دما.ضمدت امي جراحه لكنه لم يقو على الوقوف فقد شلت حركته.إستمر إطلاق النار الكثيف مع إنقطاع المياه و الكهرباء.فتحت المذياع علي اسمع خبرا من هنا او هناك.لا إذاعة أفتتني على قلة الإذاعات التي تعمل في هذا الوقت.في الخامسة بدأ قصف الطيران.أين يقصف لا ندرِ.كانت امي تصلي و تدعو الله أن ينجينا من هذا القصف و من الرصاص الراجع الذي يصب صبا على سقف بيتنا. حاولنا أن ننام و من اين سيأتي النوم و كل هذا الفزع فينا.في العاشرة صباحا خفت لعلعة الرصاص و لم تعد بتلك الكثافة.عند الساعة الثالثة عصرا توقف إطلاق النار.بدأنا نخرج من بيوتنا.سرنا على الأقدام نحن و جميع أهالي بريسلي.سرنا عبر جبل باصهيب و انحدرنا بإتجاه البنجسار.عند وكالة انباء عدن رأيت فضل محسن عبدالله عضو المكتب السياسي للجبهة القومية يتأبط كلاشينكوف و بجواره ناصر محمد حسين الناخبي رئيس لجان الدفاع الشعبي في الحي و هو صديقي.سالته ما الذي يجري.قال إسرائيل تهاجمنا من جولدمور.قلت له سارى أين أترك امي و سأعود للمشاركة في الدفاع عن عدن من الهجوم الإسرائيلي.واصلنا المسير الى القلوعة و دخلنا بيت أحد أقاربنا هناك.الكل يسأل ما الذي يحدث؟ لا احد يعرف الا انا.قلت لهم اسرائيل هجمت علينا من جولدمور.خيم الوجوم على الجميع.عند الخامسة عصرا من تليفزيون عدن يعلن المذيع بيانا يقول فيه انه تم القضاء على محاولة إنقلابية فاشلة قام بها المنحرف سالم ربيع علي و معه جاعم صالح و علي سالم الأعور و انه قد حكم عليهم بالإعدام.تلفتنا الى بعضنا و تعطلت لغة الكلام عندنا و ما تزال معطلة الى اليوم.